سيرة الأسير البطل مازن محمد البراوي التتر

مازن محمد البراوي التتر هو أحد أبناء غزة الذين خاضوا معركة الحياة في ظل الاحتلال الإسرائيلي، وتحمل العديد من الصعاب في سبيل قضيته الفلسطينية. من خلال هذه السطور، نسلط الضوء على حياة هذا الرجل الملتزم والمضحي، الذي عاش وتربى في مدينة غزة، وواجه التحديات بشجاعة وثبات.

النشأة والبدايات:

وُلد مازن في عام 1973 في مدينة غزة، حيث ترعرع في أحضان المدينة التي لطالما كانت مرآة للصمود والتضحية. منذ طفولته، تعرض لحادث سير في سن الرابعة عشر، كان ذلك الحادث بمثابة فرصة جديدة لحياة جديدة، فقد نجح في النجاة من الحادث بمعجزة، لتبدأ مرحلة أخرى من عمره مليئة بالإصرار والعزيمة.

التحصيل العلمي والمسيرة المهنية:

في سنوات شبابه، كان مازن من الشباب الملتزمين دينياً ووطنياً، محباً لدينه ووطنه، وكانت لديه إرادة قوية لتحقيق حلمه في خدمة القضية الفلسطينية. في خطوة تلو الأخرى، سار مازن في مسار تعليمي مهني يعكس طموحه الكبير، حيث حصل على دبلوم في الهندسة المعمارية، ثم أكمل دراسته ليحصل على شهادة البكالوريوس في الدراسات الإسلامية من كلية الأمة.

عمل مازن في وزارة العدل ككاتب، حيث كرّس وقتَه وجهده لخدمة الوطن عبر منصبه، وكان دوماً يسعى لتحقيق الخير للمجتمع من خلال عمله الدؤوب، وفي الوقت نفسه لم يفقد حلمه الكبير في أن يكون له دور كبير في خدمة قضايا المسلمين.

العائلة والإرث:

كانت عائلة مازن مثالاً آخر من أمثلة التفاني والتضحية، فقد كان أبناؤه يسيرون على نهج والديهم في التميز والإبداع. ابنه محمد، رحمه الله، تخرج في مجال الهندسة الميكاترونية، بينما قام ابنه إبراهيم، رحمه الله أيضاً، بتعلم البرمجة عبر الإنترنت، وكان قبل بلوغه الصف العاشر قادراً على تصميم تطبيقات وبرامج للهواتف المحمولة.

حياة في ظل الحرب والتهجير:

في مرحلة من مراحل حياته، انتقل مازن للعيش في منطقة المغراقة بعد أن ترك غزة، حيث كان قد بدأ يولي اهتماماً كبيراً بمسجد قريب من منزله. كان يقضي وقته في خدمة المسجد والمجتمع المحلي، ولقد عمل بشكل تطوعي، وكان يحرص على نشر الوعي الديني، ويخدم جيرانه بما استطاع.

مع اندلاع الحرب، كان مازن وعائلته في قلب المعركة. وبعد الاجتياح البري الإسرائيلي، اضطر للانتقال إلى منطقة النصيرات في منطقة المدرسة الماليزية، حيث وجد نفسه وأبناءه في وسط حصار خانق. في تلك الظروف القاسية، كان مازن يعاني بصمت، إلا أنه كان لا يزال يواصل محاولاته في حماية أبنائه وأسرته من ويلات الحرب.

لحظات مأساوية لا تُنسى:

في تلك الأيام الصعبة، تعرض مازن لأسوأ لحظة في حياته. استشهد ابنه إبراهيم، الذي كان قد ذهب لإنقاذ أحد الأقارب بعد استهدافه، بصاروخ من طائرة استطلاع، بينما كان محمد، الابن الآخر، يحاول إنقاذه. لكن والده منع محمد من الاقتراب، قائلاً له إنه سيذهب إلى الحمام. وفي تلك اللحظات المأساوية، أخذ محمد سترته الخاصة وذهب لتكريم جثمان شقيقه الشهيد بعيداً عن أعين الاحتلال. إلا أن قناصة الاحتلال كانوا بالمرصاد، فأطلقوا عليه النار واستشهد أمام والده.

كانت تلك اللحظات من أكثر اللحظات قسوة في حياة مازن، حيث فقد في لحظات معدودة أبناءه الذين بذل من أجلهم الكثير، لكن إرادته لم تنكسر.

الاعتقال في سجون الاحتلال:

في العاشر من يناير 2024، دخلت قوات الاحتلال إلى منطقة النصيرات واعتقلت مازن. بعد اعتقاله، بدأ البحث عنه بشكل مستمر، ولكن دون أي نتائج واضحة. استمر الحال حتى 10 سبتمبر 2025، حيث تم تأكيد مكانه في سجن النقب بعد 10 أشهر من المعاناة والبحث المستمر.

ورغم محاولات عديدة للتواصل مع مؤسسات حقوقية وإنسانية مثل “هوموكيد” و “الميزان”، و”حقوق الإنسان”، إلا أن الوصول إليه كان صعباً للغاية. تم التأكد من أن حالته الصحية مستقرة نسبيًا، رغم إصابته بمرض الجرب، وأنه لا يزال يعاني من ظروف قاسية في السجن.

ظروف قاسية في السجون:

في سجن النقب، لا يجد مازن إلا معاناة نفسية وجسدية لا يمكن تصورها. حيث لا توجد أي مصاحف أو مستلزمات دينية في مكانه، مما أثّر على حالته النفسية بشكل كبير. إضافة إلى ذلك، فإنه لم يُعرض على محكمة ولم يتم تحديد أي محاكمة له، بل تم تصنيفه كمقاتل غير شرعي فقط، وهو التصنيف الذي يتم فرضه على أي أسير من قطاع غزة، دون مراعاة لأبسط حقوقه الإنسانية.
ورغم محاولات محاميه للتواصل معه، إلا أن الاحتلال يرفض زيارة أي محامي فلسطيني من غزة، حيث يتم إبلاغهم بشكل قاطع بعدم السماح لهم بزيارة أي أسير من غزة. وهذا كله يساهم في زيادة معاناته النفسية والجسدية.

الختام:

مازن محمد البراوي التتر هو أحد الرموز التي تمثل الصمود الفلسطيني أمام الاحتلال. منذ نشأته في مدينة غزة حتى لحظة اعتقاله، كان وما زال مثالاً للتضحية والإرادة القوية. لم تهزّه الحروب أو الصعوبات أو فقدان الأحبة، بل زادت من عزيمته ورفضه للظلم. ورغم القسوة التي يعيشها في سجون الاحتلال، يظل مازن هو الحلم الذي لا يموت في قلوب الفلسطينيين، رمزاً للبطولة والمقاومة في وجه المحتل.