دولة الاحتلال الإسرائيلي تمارس جرائم الاعتداء الجنسي بحق الأسرى دون اكتراث من المجتمع الدولي وفي ظل تنكر متواصل للقوانين الدولية والإنسانية

لازالت دولة الاحتلال الإسرائيلي تمارس أفظع جرائم القرن بحق جموع الأسرى الفلسطينيين الذين يحتجزون في ظروف إنسانية بالغة القسوة والسوء وتفتقر للحد الأدنى من متطلبات الحياة الآدمية، وفي خضم عمليات التعذيب الممنهج والقتل المبرمج والمتواصل الذي يتعرض له الأسرى والمعتقلين في السجون الإسرائيلية تطالعنا من جديد كبريات وسائل الإعلام الإسرائيلية للحديث عن إحدى أكثر جرائم الاحتلال قبحا وسادية المتمثلة بتعريض أحد الأسرى الفلسطينيين لاعتداء جنسي قاتل حيث تم توثيق ذلك وتصويره ومن ثم تم تسريبه لوسائل الإعلام هذه في جريمة تعكس المستوى السحيق الذي وصلت إليه الدوائر الأمنية والسياسية والعسكرية في دولة الاحتلال.

وإن المتتبع لهذه القضية للوهلة الأولى يظن أن الخلاف الحاصل حول هذه العملية النكراء يعود للفعلة ذاتها، ثم يصاب بالدهشة والصدمة المضاعفة حين يدرك أن الزوبعة المثارة والنقاش الدائر يدور حول من الذي تسبب بتسريب هذا التصوير دون أدنى اكتراث بحياة الأسير الذي تعرض لهذه الواقعة التي تكشف جانبا من وحشية وفاشية قادة وضباط وجنود دولة الاحتلال الإسرائيلي، وبالأخص مصلحة السجون الإسرائيلية التي مارس السجانون فيها على مدار عامين بتعليمات مباشرة وتشجيع ودعم متواصل من وزير الأمن القومي الإرهابي المتطرف إيتمار بن غفير الذي يفتخر ويتباهى على الدوام وبالصوت والصورة ارتكاب هذه الفظائع والجرائم التي كان من المفترض أن تهز أركان البشرية والإنسانية جمعاء.

لقد تحرك العالم قبل أيام وتحدث مؤسسات وازنة وشخصيات مؤثرة وطالبت الفلسطينيين بسرعة تسليم ما تبقى لديهم من جثامين لأسرى إسرائيليين، بينما تغيب هذه الأصوات مجددا حين يتعلق الأمر بجريمة لا يمكن أن تقارن أو تساوى بالقتل والعربدة والتنكيل وبجرائم العنف الجنسي والتعذيب والقهر والإذلال الذي يتعرض له أسرانا البواسل على مدار الساعة واللحظة في باستيلات ومقابر الأحياء التي تضم أكثر من عشرة آلاف أسير فلسطيني منهم السيدات والأطفال والمرضى وكبار السن.

لقد جاء الوقت الذي تنتصر فيه الإنسانية لنفسها من خلال موقف إنساني أخلاقي يضع حدا لكل هذه الجرائم النكراء التي تفاقم من الكارثة والمعاناة وتترك فتيل الصراع مشتعلا لسنوات وعقود قادمة.
إننا في المركز الفلسطيني للدفاع عن الأسرى، ومن خلال متابعاتنا لهذه الجريمة البشعة التي يندى لها الجبين الحر نؤكد على الآتي:

أولا: لا نستغرب بالمطلق من ارتكاب هذه الجريمة، وقد وثقنا في المركز العديد من الشهادات التي تفيد بتعرض عشرات الأسرى لجرائم العنف الجنسي التي أصبحت ظاهرة لدى جنود وضباط مصلحة السجون الإسرائيلية.

ثانيا: سنواصل تحركنا القانوني لوضع الجهات الدولية الحقوقية أمام مسؤولياتها إزاء هذا النهج الخطير الذي ترعاه دولة الإرهاب وإن الصمت عن هذا المشهد المروع لا يمكن تفسيره إلا أنه غطاء أو مشاركة بالجريمة.

ثالثا: نهيب بأسرانا المحررين بتوثيق وتدوين ما عانوه أو عايشوه من جرائم إسرائيلية والتواصل الشخصي والجمعي مع المؤسسات الدولية لفضح دولة الاحتلال ومن يساندها ويوفر لها الدعم.

رابعا: نتوجه بدعوة عاجلة للاتحاد العام للمحامين العرب لتشكيل طاقم قانوني مختص لمتابعة مجريات هذه القضية على وجه التحديد ومتابعتها مع كافة المؤسسات الدولية بما يضمن ملاحقة مرتكبي هذه الجريمة وتقديمهم للعدالة الدولية التي يجب أن تستفيق من غفوتها وكبوتها.